{ قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }
.
.
.
.
قوله تعالى: {قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ} الآية [12].
قال الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس: إن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم الله المشركين يوم بدر: هذا والله النبي الأمي الذي بشَّرْنا به موسى، ونَجِدُه في كتابنا بنعته وصفته، وإنه لا تُرَدُّ له راية. فأرادوا تصديقه واتباعه، ثم قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة له أخرى. فلما كان يوم أحد ونُكِبَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شَكُّو وقالوا: لا والله ما هو به. وغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، عهد إلى مُدَّة، فنقضوا ذلك العهد، وانطلق كعب بن الأَشْرَف في ستين راكباً إلى أهل مكة: أبي سفيان وأصحابه، فوَافَقُوهم، وأجمعوا أمرهم، وقالوا: لتكونن كلمتنا واحدة. ثم رجعوا إِلى المدينة، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قريشاً ببدر، فقدم المدينة، جَمَع اليهود فقال: يا معشر اليهود، احذروا من الله مثلَ ما نزل بقريش يوم بدر، وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، فقد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم، فقالوا: يا محمد، لا يعزّنك أنك لقيت قوماً أغْماراً لا علم لهم بالحرب فأصبتَ فيهم فرصة، أما والله لو قاتلناك لعرفت أنّا نحنُ الناسُ. فأنزل الله تعالى: {قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} يعني اليهود: {سَتُغْلَبُونَ} تهزمون {وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ} في الآخرة. وهذه رواية عكرمة، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس.
.
.
.
..
.{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }
.
.قوله تعالى: {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ}. [18].
قال الكلبي: لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالمدينة، قدم عليه حَبْرَانِ من أحبار أهل الشام، فلما أبصرا المدينة قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان، فلما دخلا على النبي صلى الله عليه وسلم، عرفاه بالصفة والنعت، فقالا له: أنت محمد؟ قال: نعم، قالا: وأنت أحمد، قال: نعم، قالا: إنا نسألك عن شهادة، فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلاني، فقالا: أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله. فأنزل الله تعالى على نبيه: {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ} فأسلم الرجلان وصدّقا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
.
.
..{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ }
..
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} الآية [23].
اختلفوا في سبب نزولها.
فقال السُّدِّي: دعا النبي صلى الله عليه وسلم اليهودَ إلى الإسلام، فقال له النعمان بن أوفى: هلم يا محمد نخاصمك إلى الأحبار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل إلى كتاب الله، فقال: بل إلى الأحبار. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وروى سعيد بن جبير، وعكرمة، عن ابن عباس قال:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم [بيت] المِدْرَاسِ على جماعة من اليهود فدعاهم إلى الله، فقال له نُعَيْم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟ فقال: على ملّة إبراهيم، قالا: إن إبراهيم كان يهوديّاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم. فأبيا عليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الكلبي: نزلت في قصة اللذين زنيا من خيبر، وسؤال اليهود النبيَّ صلى الله عليه وسلم، عن حد الزانيين. وسيأتي بيان ذلك في سورة المائدة إن شاء الله تعالى.
.
.
.